للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخبرونهُ أنَّ الخلفاءَ قلَبه كانوا يفعلون ذلك. أجابَهم عمرُ قائلًا: فأينَ هؤلاء؟ فلما أكثروا عليهِ (التحوطَ) قال: اللهمَّ إنْ كنتَ تعلمُ أني أخافُ يومًا دونَ يومِ القيامةِ فلا تُؤمِّن خوفي (١).

لقدْ تكاثرَ الشهودُ على خوفِ عمرَ منَ الله، فهذا مزيدُ بنُ حَوْشَبٍ يقول: ما رأيتُ أخوفَ من الحسينِ وعمرَ بنِ عبدِ العزيز، كأنَّ النارَ لمْ تخلقَ إلا لهما (٢).

ومكحولٌ يقول: لو حلفتُ لصدقت، ما رأيتُ أزهدَ ولا أخوفَ للهِ منْ عمرَ بنِ عبد العزيز (٣).

وقالتْ زوجتُهُ فاطمة: حدَّثنا مغيرةُ أنهُ يكونُ في الناسِ مَنْ هوَ أكثرُ صلاةً وصيامًا من عُمرَ بن عبدِ العزيز، وما رأيتُ أحدًا أشدَّ فرَقًا منْ ربِّه منه، كانَ إذا صلى العشاءَ قعدَ في مسجده، ثمَّ يرفعُ يديهِ يبكي حتى تغلبَهُ عينُه، يفعلُ ذلكَ ليلَه أجمعَ (٤).

وعنْ عطاءٍ قال: كانَ عمرُ بنُ عبدِ العزيز يجمعُ كلَّ ليلة الفقهاءَ، فيتذاكرونَ الموتَ والقيامةَ والآخرةَ ويبكون (٥).

وهكذا فمنْ كانَ باللهِ أعرفُ كانَ منهُ أخوفُ .. ومنْ خافَ في الدنيا أمِنَ في الآخرة، ومنْ خافَ أدْلجَ، ومَنْ أدلجَ بلغَ المنزلةَ.

خامسًا: عمرُ وسياسةُ الأمةِ واستغناءُ الفقراء: ما كانَ خوفُ عمرَ سلبيًا. وما


(١) الطبقات ٥/ ٣٩٨.
(٢) الطبقات ٥/ ٣٩٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ٥/ ١٣٧.
(٤) سر أعلام النبلاء ٥/ ١٣٧.
(٥) السير ٥/ ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>