للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاية العام موعظة وذكرى (١)

الخطبةُ الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدهُ ونستعينُه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيئاتِ أعمالِنا، منْ يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، اللهمَّ صلِّ وسلمْ عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعينَ والتابعينَ ومنْ تبعهمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (٢) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٣).

أيها الناس: تجري عوائدُ التجارِ وأصحابُ المؤسساتِ الحكوميةِ والأهليةِ على جردِ حساباتهمْ في نهايةِ العام، وكتابةِ تقريرٍ سنويٍّ عما أُنجز، فثمةَ تقريرٌ مالي، وتقريرٌ إداري، وتقويمٌ للعملِ وحسابٌ وتدقيقٌ للمكاسبِ والخسائر، وتفكيرٌ في التطويرِ المستقبلي، وتجاوزٌ لسلبياتِ الماضي .. وهكذا مما يحتاجُ له العملُ الدنيوي، وتفرضهُ ظروفُ الحياة، ولا ضَيْرَ في الحزمِ ولا جُناحَ في الدقةِ والمتابعة، ومنْ فكَّر أبصر، ومنْ خططَ أثمر .. ولكنْ ماذا عنْ حساباتِ الآخرة؟ كم مِنَ الناسِ مَنْ يكتبُ تقريرًا لنفسهِ عنْ مشاريعهِ الخيريةِ وأعمالهِ الصالحة؟ وكمْ منَ الناسِ أغنياءَ كانوا أمْ فقراءَ يجردُ ما أسعفتْهُ ذاكرتُه منْ


(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ٢٧/ ١٢/ ١٤٢٣ هـ.
(٢) سورة الحشر، الآية: ١٨.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>