للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطائهِ وزلاّتهِ وكبواتِهِ خلالَ العام؟ ومنْ ذا الذي يتذكرُ مشاريعَهُ في الدعوةِ والإصلاحِ وتقديمِ الخيرِ للناس، فيحاولُ الزيادةَ عليها وتطويرَها في العامِ الآخر؟ كمْ يقفُ المرءُ منا- في نهاية العام- على أعمالٍ مشينةٍ مارسَها وقفةَ تحسرٍ وتألمٍ وندم، عسى اللهُ أنْ يغفرَها .. وعسى أنْ تكونَ هذه الوقفةُ المتحسرةُ ضمانًا لعدمِ تكرارها .. وربَّ سيئةٍ قادتْ صاحبَها إلى الجنة، لأنهُ لا يملكُ عينيهِ منَ البكاءِ خشيةً للهِ إذا تذكرَها، ولا يملكُ قلبَه منَ الإخباتِ والانكسارِ وهو يتذكرُ جُرأتَهُ في الإقدامِ عليها، وعفوَ اللهِ وفضلَه في سترهِ عليهِ إذ مارسها.

يا عبدَ الله: ليستْ حياةُ المسلمِ لهوًا وعبثًا .. ولا فراغًا مملًا ولا فسحةً إلى الا يد .. فلستَ تدري متى تبلغُ الروحُ الحلقومَ، وما عندكَ ضمانٌ ببلوغك الأمانيَ وطولَ الأمل، وفسحةَ الأجل، ومن ذا الذي يضمنُ لكَ خطَّ الرجعةِ إذا وقعتْ بكَ الواقعة؟

كمْ أنتَ عجيبٌ والفواجعُ والقوارعُ منْ حولكَ صباحَ ومساء، ونُذُرُ الموتِ تخطفُ بمرأى منكَ القريبَ والبعيد، والصغيرَ والكبير، والذكرَ والأنثى! !

ترى كمْ يُثير فيكَ منْ ذكرياتٍ آخرُ شهرٍ في السنة .. بلْ آخرُ يومٍ في السنةِ الماضيةِ وأولُ يومٍ في السنةِ القادمة؟

أتُرى الحياةَ ستستمرُ لكَ صفوًا دونَ كَدَر .. وصحةَ دونَ سقَمٍ وأمانًا دونَ خوف، قُلْ لي بربكَ: هلْ فكرتَ أنْ تكونَ في العامِ القادمِ أرحمَ بنفسكَ وأخشى لربكَ منْ أعوامٍ خلَت؟ أمْ أنكَ ستستبدلُ مُفكرةَ التقويمِ الماضيةَ بمفكرةِ العامِ الجديدِ دونَ أيِّ وقفةِ وتأمل آه .. وسؤالٌ يقول: فيمَ ستفتتحُ العامَ الجديد، وبماذا اختتمتَ العامَ المنصرم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>