للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - والمسكِّنُ العاشر: تثمينُ المكاسبِ الحاصلةِ في هذهِ الأزمات، وتقديرُ المنحِ الربانيةِ على إثرِ المحنِ والنكبات، فما منْ شرٍّ صَرْفٍ وقدْ يبتلي اللهُ عبادَهُ بالضراءِ ليعافيَهمْ ويُحزنَهمْ ويرفعَ درجاتِهم، فضلًا عما يقعُ في هذه النكباتِ منْ خيرٍ عامٍّ للمسلمين، تتوحَّدُ كلمتُهمْ وتتقاربُ قلوبُهم، ويتوبونَ إلى ربِّهم، ويدعونَهُ خَوْفًا وطمعًا، ويستغفرونَهُ سِرًّا وجَهرًا، ويصحِّحونَ مسارَهم، ويتفقَّدونَ مسيرتَهُم .. ويخطِّطونَ بوعيٍ لمستقبلهم، وهذهِ المكاسبُ وأمثالُها إذا ثُمِّنتْ وروعيتْ كانتْ منْ أعظمِ المسكِّناتِ وأقوى العلاجات (١).

١١ - ومنَ المسكِّناتِ: معرفةُ الأعداءِ على حقيقتهم، والحذرُ منهم، والاستعدادُ لهم، فللأمةِ المسلمةِ أعداءٌ ينكشفونَ أكثرَ في الأزمات، ومنهمُ الظاهرُ بعداوته، ومنهمُ المنافق، وإذا كانَ خيرُ القرونِ قيل لهم: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} (٢) فغيرُهمْ منْ بابِ أَوْلى، ففي الأزماتِ يَميزُ اللهُ الخبيثَ منَ الطيِّب، ويبيِّنُ الصادقَ منَ الكاذب .. وهكذا تستبينُ سبيلُ المجرمين، ويطمئِنُّ لقضاءِ اللهِ وقدرهِ المؤمنون، وتسكنُ النفوسُ إذْ تعرفُ أعداءها، وتستعدُّ لمقاومتهم.

١٢ - ومنَ المسكِّنات: الوقوفُ على سِيَر الأنبياءِ وجهادِهمْ وثباتِهم، وما تَعرَّضَ له المؤمنونَ في تاريخهم، وإدراكُ سُنِّةِ اللهِ في الابتلاءِ والحكمةِ منْ ورائها {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (٣).


(١) وفي التنزيل: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} سورة آل عمران، الآيتان: ١٤٠، ١٤١.
(٢) سورة آل عمران، الآيتان: ١٦٦، ١٦٧.
(٣) سورة العنكبوت، الآيتان: ٢ - ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>