للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرارةُ الصيفِ ذكرَى وعِبرة (١)

الخطبةُ الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيئاتِ أعمالِنا، منْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومنْ يضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسَلينَ، وارْضَ اللهُمَّ عنِ الصحابةِ أجمعينَ والتابعينَ وتابعيهمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ وسلِّمْ تسليمًا كثيرًا.

أيُّها الناسُ: درجةُ الحرارةِ تصلُ إلى أربعةٍ وأربعينَ درجةً (٤٤) وقدْ تزيدُ وقدْ تنقصُ، والأمرُ للهِ، فما منْ قوّةٍ مهْما بلغَتْ تستطيعُ أنْ تخفضَ درجَةَ الحرارَةِ إذا ارتفعَتْ، أو ترفعَها إذا انخفضَتْ.

ألاَ ما أعظمَ اللهَ! وفي خلقِه وتدبيره آياتٌ للسائلينَ، وهذا الكونُ منْ صُنعِه، وعجيبِ تقديرِه، فهو مُتَّسقٌ في دورتِهِ وفصولِهِ، وأحيائِه ونجومِهِ، حَرٌّ وبردٌ، وربيعٌ وخريفٌ، وثمارٌ يانعةٌ في كلِّ فصلٍ، وأحياءٌ ومخلوقاتٌ تظهرُ في هذا الفصلِ وتختفي في غيرِه، ليلٌ ونهارٌ، وشمسٌ وقمرٌ، ونجومٌ ومجرّاتٌ تملأُ السماءَ: {لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (٢).

عبادَ اللهِ: وحينَ تبلغُ درجةُ الحرارةِ الخمسينَ أوْ دونَها بقليلٍ فلا تسألْ عنِ الحرِّ والسَّمومِ، والظمأ والعرَقِ، وذكرى فيحِ جهنّمَ ليسَ عنّا ببعيدٍ؟


(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ١٣/ ٤/ ١٤٢٤ هـ.
(٢) سورة يس، الآية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>