للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقسوة القلب، وأن قسوة القلب مظهر من مظاهر عدم الخشوع، وأن الله كما يحيي الأرضي الميتة بماء السماء، كذلك يحيي القلوب بوحي السماء.

قال الله تعالى {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله .. } (١). قال أبو عمران الجوني: والله لقد صرف إلينا ربنا في هذا القرآن ما لو صرفه إلى الجبال لمحاها ودحاها، وكان مالك بن دينار رحمه الله يقرأ هذه الآية ثم يقول: أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه».

ويروى عن الحسن رحمه الله أنه قال: يا ابن آدم إذا وسوس لك الشيطان بخطيئة أو حدثتك بها نفسك فاذكر عند ذلك ما حملك الله من كتابه مما لو حملته الجبال الرواسي لخشعت وتصدعت، فإنما ضرب لك الأمثال لتتفكر بها وتعتبر، وأنت يا ابن آدم أحق أن تخشع لذكر الله وما حملك من كتابه .. لأن عليك الحساب ولك الجنة والنار (٢).

يا أهل القرآن والخاشعون لله حقًا هم الذين يحبون الله ويثبتون هذه المحبة بالتقرب إليه بالطاعات، وهم الذين يخافون عقابه ويؤكدون خوفهم بالبعد عن المحرمات، الخاشعون لله هم الذين يؤتون ما آتوا من القربات وتبقى قلوبهم وجلة ألا تقبل منهم تلك الطاعات، أما الجاهلون .. أما غير الخاشعين فتبقى قلوبهم لاهية وإن لم تتقدم بهم الحسنات، ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف، ومن أعرض عن ذكر الله فلا يبال الله بأي أودية الدنيا أهلكه- نسأل الله السلامة ونعوذ به من الغواية. وليس من خشوع العين رؤيتها لما حرم الله،


(١) سورة الحشر، الآية: ٢١.
(٢) رسالة ابن رجب في الخشوع السابقة ٣٠، ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>