للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) الإنسان في كبد (١)

[الخطبة الأولى]

الحمد لله خلق الإنسان في أحسن تقويم، علمه البيان، أنشأه من ضعف وينتهي أمره إلى الضعف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قدر للإنسان حياته وكتب نصبته وكفاحه وهو العليم الخبير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أنموذج الكادحين وسيد المفلحين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اتقوا الله معاشر المسلمين وتفكروا في أنفسكم وحياتكم وارجعوا إلى ربكم واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون.

أيها المسلمون (الإنسان في كبد) حقيقة قرآنية وواقع بشري .. إنه الإنسان يعايش الكبد في أطوار حياته كلها، منذ بدأ يُخلَّق في بطن أمه حتى ينتهي إلى سكرات الموت ومفارقة الحياة .. هكذا قدَّر الخالق وأخبر {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.

إن الخليَّة الأولى لا تستقرَّ في الرحم حتى تبدأ في الكبد والكدح والنصب لتوفر لنفسها- وبإذن ربها- الظروف الملائمة للحياة وما تزال كذلك حتى تنتهي إلى المخرج فتذوق من المخاض إلى جانب الأم ما تذوق، وما يكاد الجنين يرى النور حتى يكون قد ضُغط ودُفع حتى كاد يختنق في مخرجه من الرحم، بل ربما اختنق بعض الأجنة فانتهت حياته بنصب الولادة واختناق المولود.


(١) ألقيت هذه الخطبة في ١٨/ ٦/ ١٤٢٧ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>