للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مر معنا هيئتهم عند الموعظة تذرف منها العيون، وتوجل منها القلوب- كما في حديث العرباض رضي الله عنه- لكن دون زعيق أو صياح، أو رقص وتصفيق أو ضرب خدود وشق جيوب ... أو نحو ذلك من أحوال رآها الخلف الجاهلون ضروبًا من العبادة والقربى ... وهي ليست إلا ضروبًا من البدع منكرة ... وألوانًا من المعونات الباطلة.

أيها الإخوة المؤمنون، وبالعلم والإيمان، وتدبر السنة والقرآن، والنظر في ملكوت الله وكيف خلق الإنس والجان، وكيف رفع السماء بلا عمد تراها، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها، وبسط الأرض ودحاها، وأخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها ... والإلتفات بعد ذلك إلى الطامة الكبرى، يوم يرد الناس كلهم على الله آتيه فردًا، عراة غرلاً ... كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا حقًا- ونذكر الله بأسمائه الحسنى وتصور صفاته العلى - بهذه وتلك، يناله الخشوع وتطمئن القلوب. قال تعالى وهو أصدق القائلين {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.

وقال جل من قائل عليمًا {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك إنه على كل شيء شهيد} (١).

{الذي آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} (٢). ويبقى بعد ذلك حديث مهم عن الخشوع في الصلاة.

اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، نسألك نعيمًا لا ينفد وقرة عين لا تزول ... هذا وصلوا.


(١) سورة فصلت، الآية: ٥٣.
(٢) سورة الرعد، الآية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>