للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض، وفي ذلك روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} [الأنعام: ٦٥]، قال: أعوذ بوجهك {أو من تحت أرجلكم} قال أعوذ بوجهك، فلما نزلت: {أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: هاتان أهونُ أو أيسر (١).

ولاشك أن المتبعين لهدي محمد صلى الله عليه وسلم يجمعون الكلمة ولا يفرقونها ويؤلفون بين المسلمين ولا يفرقون جمعهم، وينصحون صادقين لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ولا يطلبون أجرًا على نصحهم وماذا تستفيد الأمة من التفرق وفيها من الأدواء ما لا يحتمل المزيد وفيها من الجراح ما يكفي لشغل أوقات الفارغين إن لم تكن لهم همة سوى تضميد الجراح، أما أن تُستنزف دماء أخرى وتوسِعَ دائرة الجراح فذلك لا يُسلِّم به العقلاء فضلًا عمن يدعي الصلاح والتقى ألا وإن من أسباب الفرقة والخلاف بين المسلمين تتبع العورات وتصيد الزلات، والتزيد في الاتهامات، وإساءة الظنون واتهام النوايا، وتفسير المقاصد، والتهويش والتحريش بين المسلمين وإثارة المعارك الكلامية، وكل ذلك لا يخدم مصلحة المسلمين، وإنما هو سهم من سهام الشياطين، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» (٢).

وهل غاب عن المسلمين عمومًا وأولئك المشتغلين بأعراض الصالحين


(١) (الصحيح مع الفتح ١٣/ ٢٩٦).
(٢) رواه مسلم وغيره (انظر: مختصر صحيح مسلم للمنذري ص ٤٧٨ ح ١٨٠٤، صحيح الجامع الصغير ٢/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>