للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف: ٥٢].

أيها المسلمون وكما يوجد في تاريخنا نقاط مظلمة وخونة مفسدون يوجد كذلك نقاط مضيئة ومشرقة، ورجال مخلصون أوفياء لأمتهم وبلادهم وإذا كان التاريخ المعاصر يحفظ للسلطان العثماني/ عبد الحميد رحمه الله وقفته الشجاعة في وجه الصهاينة اليهود الذين راودوه عن التنازل عن جزء من فلسطين مقابل دعم مادي مغر له شخصيًا وللدولة العثمانية عمومًا، بلغ خمسة ملايين ليرة ذهبية هدية لخزينته الخاصة، ومائة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة لمدة مائة عام، على أن يسمح لليهود ببعض الامتيازات في فلسطين.

وما أن أتم المفاوض اليهودي (قره صو) كلامه حتى نظر السلطان عبد الحميد إلى مرافقه بغضب وقال له: هل كنت تعلم ماذا يريد هذا الخنزير؟ فاعتذر بعدم علمه، ثم التفت السلطان إلى اليهودي قائلاً: «اخرج من وجهي يا سافل».

فالتاريخ يحفظ كذلك تكرر هذه المحاولات من اليهود، ويحفظ المواقف البطولية والكلمات الصادقة للسلطان عبد الحميد، ومن كلامه قوله: إذا تجزأت إمبراطوريتي يومًا فإنكم قد تأخذونها بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبقع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من إمبراطوريتي.

ومما قاله كذلك: إنكم لو دفعتم ملء الأرض ذهبًا فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعيًا، فقد خدمت الأمة الإسلامية ما يزيد على ثلاثين سنة، فلم أسود صحائف المسلمين .. وحين خلع رحمه الله قال: الحمد لله أنني لم أقبل أن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الإسلامي بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدسة في فلسطين (مجلة البيان/ العدد السابق) كم تحتاج أمتنا إلى مثل هؤلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>