للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام» (١).

وقال ابن عيينة: نظرت في أمر الصحابة وأمر ابن المبارك فما رأيت لهم عليه فضلاً إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم وغزوهم معه (المصدرين السابقين) (١).

وإذا فاقت شهرة ابن المبارك على السنة العلماء، فقد فاقت شهرته على صيت الأمراء والخلفاء -وإن كانوا مشهورين في زمانه- فقد قدم الخليفة هارون الرشيد (الرقة) فأنجفل الناس خلف ابن المبارك، وتقطعت النعال وارتفعت الغبرة، فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب فقالت ما هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان قدم، قالت: هذا والله الملك، لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان (٣).

وفي سبيل نصح ابن المبارك للأمة: قال ابن مهدي .. ما رأيت أنصح للأمة من ابن المبارك (٤).

وفي ميدان الجهاد والغزو والشجاعة كان له سهم وافر حتى قال عبدة بن سليمان المروزي كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل (ابن المبارك) فطارده ساعة فطعنه فقتله، فازدحم الناس إليه، فنظرت فإذا هو عبد الله بن المبارك، وإذا هو يكتم وجهه بكمه، فأخذت بطرف كمه فمددته، فإذا هو هو،


(١) (تاريخ بغداد ١٠/ ١٦٢، سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٤٤).
(٢) ويكفي للشهادة على سعة علم ابن المبارك أن يقول عنه عبد الله بن إدريس: كل حديث لا يعرفه ابن المبارك فنحن منه براء. (السير: ٨/ ٣٥٦).
(٣) (تاريخ بغداد ١٠/ ١٥٦، سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٤٠).
(٤) (السير ٨/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>