للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتحطيم سمعة القوة الأسطورية (الروم)، ثم سقطت وسقطت معها دولة الفرس في فترة وجيزة من الزمن، وكذا ينتصر الحق ويقوى الضعفاء ويضعف الأقوياء {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.

كما علَّمنا الفأل قادةٌ صادقون خاضوا أغمار الحرب مع المحتلين لفلسطين، ولم يشأ الله لهم أن يفتحوا -رغم جهودهم وجهادهم- لكنهم علموا غيرهم كيف يكون الفأل وحسن الظن بالله، والقائد (نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي) نموذج نحسبه من المجاهدين الصادقين وأثنى عليه من ترجم له كابن الأثير والذهبي وغيرهم، والذي يعنينا هنا أنه صنع منبرًا لبيت المقدس -وإن لم يفتحه- حتى إذا فتح على يد صلاح الدين، وأراد أن يصنع له منبرًا قيل له إن نور الدين محمود سبق له أن صنع هذا المنبر، فطلبه صلاح الدين، فأتي به ووضع في بيت المقدس بعد عشرين عامًا من صنعه، قال ابن الأثير معلقًا: فحمل المنبر من حلب ونصب بالقدس، وكان بين عمله وحمله ما يزيد على عشرين سنة رحمه الله (١). وهذا من كرامات نور الدين وحسن مقاصده.

ومن الفأل أن تكون أحداث غزة تأسيسًا لمرحلة جديدة في الأمة، ومعلمًا وتأريخًا للنصر ورفع الذل.

ولعل من الفأل أن تتزامن أول خطبة في هذا الجامع المبارك - إن شاء الله - مع انتصار غزة وتراجع الصهاينة، ونسأل الله أن يحقق للأمة النصر والتمكين.

وعلى كل مسلم أن يستثمر هذه الأحداث لصالح الإسلام والمسلمين، وحسب جهده وطاقته {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩].


(١) (الكامل ١١/ ٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>