للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجل لقد تأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طلبت أمهات المؤمنين ومتحدثتهن أم سلمة أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان ولا يتحروا بهداياهم يوم عائشة، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطلب، حتى إذا أكثرت عليه أم سلمة قال لها يا أم سلمة: «لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها» (١).

قال ابن حجر: وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لعائشة (٢).

وإذا اعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الطلب البسيط أذى فكيف بمن يؤذي عائشة ومن ورائها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو أعظم من هذا؟ وإذا تابت أم سلمة - كما في الرواية الأخرى- أنها قالت: أتوب إلى الله تعالى (البخاري/ الهبة، الفتح ٧/ ١٠٨) أفلا يتوب إلى الله كل من ذل لسانه أو خط قلمه إثمًا وبهتانًا على عائشة (٣).

إن الأذية لأحد من أزواجه صلى الله عليه وسلم أو أهل بيته المؤمنين أو صحابته أجمعين أذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} (الأحزاب: ٥٣).

ترجم الإمام الذهبي رحمه الله لعائشة رضي الله عنها في أعلام النبلاء وأطال وأثنى، معتمدًا على أحاديث المصطفى وتزكيات العلماء، ومما ساق حديث البخاري ومسلم في سؤال عمرو بن العاص رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: أي الناس أحب إليك


(١) رواه البخاري ح ٣٧٧٥.
(٢) (الفتح ٧/ ١٠٨).
(٣) وحيث كفت أم سلمة عن عائشة حيث قالت: (أعوذ بالله أن أسؤك في عائشة) كما في رواية النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي في المستدرك ٤/ ٩، ١٠، والسير ٢/ ١٩٩) أفلا يكف عن البهتان من تقصد أم المؤمنين؟

<<  <  ج: ص:  >  >>