للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله ليس من الحياء من الله من إذا جن ليل وكان الظلام باشر من الفجور وارتكب من المعاصي والآثام ما لم تخطئه عين الله ولم يغب عن علمه، وإن ستره في الدنيا فالفضيحة يوم القيامة على رءوس الأشهاد وليس من الحياء من يظهر التنسك والعبادة أمام الخلق حتى إذا لاح له مغنم من الدنيا أو غاب عن أنظار الخلق نسي الله ونسي نفسه وتنسكه فلم يبال بالحرام ولم يتورع عن المنكرات ..

ليس من الحياء من يعتدي على أعراض الناس أو أموالهم أو دمائهم .. وربما رأى ذلك نوعًا من الشطارة والشجاعة والدهاء.

ليس من الحياء من يتكاسل عن الصلاة المكتوبة أو يمنع الزكاة الواجبة .. وليس من الحياء شرب المسكرات وتناول المخدرات .. ليس من الحياء المجاهرة بالمعصية أو رؤية المنكر دون تمعر الوجه وتحرك الإيمان لتغير المنكر وليس من الحياء الكذب في الحديث، والخلف في الموعد، والفجور في المخاصمة.

إن من مظاهر التوازن، ومن علامات التكامل في التربية، أن تجد المؤمن القوي الحازم الدءوب حييًا خجولًا أديبًا وقورًا.

الحياء الممدوح: (خلق يبعث على ترك القبيح) (١) - كما عرّفه ابن حجر- وقد صنف الحياء إلى شرعي وغير شرعي فقال: (الشرعي الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر- وهو محمود- وأما ما يقع سببًا لترك أمر شرعي، فهو مذموم وليس هو بحياء شرعي، وإنما هو ضعف ومهانة (٢).


(١) فتح الباري ١٠/ ٥٢٢ عند شرحه لباب الحياء من كتاب الأدب - الحديث ٦١١٨.
(٢) فتح الباري ١/ ٢٢٩ عند شرحه لباب الحياء في العلم من كتاب الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>