للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوف، بل ربما عدوه في النفاق، قال علي بن عثام: بكى سفيان يومًا ثم قال: بلغني أن العبد أو الرجل إذ كمل نفاقه ملك عينيه فبكى (١).

أيها الإخوة المؤمنون، الرجاء قرين الخوف، وهو الاستبشار بفضل الله، والثقة بجوده، والارتياح لمطالع كرمه سبحانه وتعالى وهو من شعب الإيمان، وإنما كان الرجاء من شعب الإيمان لأنه من أمارات التصديق.

قال الإمام البيهقي رحمه الله: وأفضل الرجاء ما تولد من مجاهدة النفس ومجانبة الهوى، قال الله عز وجل {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} (٢).

وفرق بين الرجاء والتمني، فالرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل، أما التمني فيكون مع الكسل ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، ولذا أجمع العلماء على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل (٣).

وإذا استحكم الرجاء وكان على وجهه المشروع حدث عنه من التخشع والتذلل نحو ما يحدث عن الخوف إذا استحكم، لأن الخوف والرجاء متناسبان، إذ الخائف في حال خوفه يرجو خلاف ما يخافه ويدعو الله عز وجل به، والراجي في حال رجائه خائف خلاف ما يرجو ويستعيذ بالله منه، ولا خائف إلا وهو راج، ولا راج إلا وهو خائف، ولأجل تناسب الأمرين قرن الله تعالى


(١) ويروى مرفوعًا عن عقبة بن عامر ولا يصح (ثلاث شعب من شعب الإيمان ١/ ٢٥٣، ٢٥٤، الزهد لأحمد / ٣٩٠، الكامل لابن عدي ٤/ ٤٦٨، والعلل المتناهية لأبن الجوزي ٢/ ٣٣٥.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢١٨، شعب البيهقي ١/ ٢٩٠.
(٣) مدارج السالكين لابن القيم ٢/ ٣٧، شعب البيهقي ١/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>