للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، مالك الملك يؤتي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، ويعزّ من يشاء، ويذلّ من يشاء بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الخلق خلقه، والأمر أمره، وإليه المرجع والمآل وحده، وكل شيء هالك إلا وجهه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أوحى إليه ربّه، وعلمه ما لم يكن يعلم، وتلك من دلائل نبوته، وصدق رسالته. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين .. وارض اللهم عن صحابته أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، إخوة الإسلام، فلم يكن تطواف ذي القرنين ينتهي عن حدود مغرب الأرض ومشرقها، بل هيأ الله له من الوسائل والإمكانات، ما بلغه شمالَها، وهناك وجد أمةً لا يكادون يفقهون قولاً: وذلك لاستعجال كلامهم وبعدهم عن الناس (١).

وهي أمة عاجزة عن الدفاع عن نفسها، واتكالية ترغب من الآخرين حلّ مشكلتها، ولذلك قالوا لذي القرنين: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً} (٢) (٣) وهذه الأمة تجاورها أمتان كثير عدّها، ويستفحل خطرها، وتعيث فسادًا فيما حولها، إنهما يأجوج ومأجوج الذين قال الله في وصفهم: {وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} (٤).


(١) ابن كثير ٥/ ١٩٢.
(٢) سورة الكهف، الآية: ٩٤.
(٣) الخالدي، مع قصص السابقين/ ٣٣٨.
(٤) سورة الأنبياء، الآية: ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>