للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آل محمد الطيبين، وارض اللهم عن أصحابه والتابعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد إخوة الإسلام، فاتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، أصلحوا سرائركم يصلح الله علانيتكم، وانصحوا لخلق الله، وكونوا عناصر خير، ورسل إصلاح، فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإذا وقع بأرضكم فتنة أو مكروه فاسعوا إلى التهدئة قدر الإمكان، وإلى التسكين قدر المستطاع، ولا خير فيمن يندسّ في الصفوف ليشعل الفتيل ويخالف بين المجتمعين، ويسعى جهده لتفريق الصفوف، أولئك أهل الريب والنفاق الذين يسوءهم أن يبقى الناس في صفاء ووئام، ويقلق مضاجعهم اتحاد الكلمة، أما الخيرون فهم يسعون للإصلاح جهدهم، ويحتسبون للأجر عند خالقهم، والله يقول: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (١) يقربون وجهات النظر، ويحفظون هوة الخلاف التي يصنعها أهل الشائعات، هؤلاء ينصحون بالتريث والحكمة وقت الشدة والأزمة، ويقطعون على الشيطان طريق الإفساد والوقيعة بين المسلمين، وكم من راشد أبصر نفسه غضبان قلقًا فملك زمام نفسه، حتى إذا هدأت ثائرة الغضب، وخف دفع الشيطان، أدرك قيمة الأناة والرفق، وتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» ومن لم يستطع الإصلاح،


(١) سورة النساء، الآية: ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>