للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فالق الإصباح وجعل الليل سكنًا والشمس والقمر حسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

أيها المسلمون، ويتخوف المؤمنون من كثرة ما يُسمع من محن ومصائب وما يقع من زلازل، وفتن في بلاد المسلمين وهم يقرؤون أمثال قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (١).

وإذا كانت الآية تربط بين كثرة الفساد في الأرض ومعاصي الخلق وتدعوهم إلى التأمل في ذوات أنفسهم والعودة إنما خالقهم بالتوبة والطاعة فثمة آيات أخر تربط بركات السماء والأرض بالإيمان والتقى، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٢).

قال العلامة ابن القيم رحمه الله (وقد دلَّ العقلُ والنقلُ والفطرةُ وتجاربُ الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التَقربَ إلى ربِّ العالمين وطلب مرضاتِه، والبرِّ والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبةِ لكلِّ خير،


(١) سورة الروم، الآية: ٤١.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>