للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى إخوانه من الأنبياء.

أيها المسلمون، ولأثر القرآن على النفوس خشي المشركون على أبنائهم أن يتأثروا به حين يسمعونه من المسلمين الخاشعين لتلاوته، وقصة أبي بكر رضي الله عنه مع ابن الدغنة تكشف عن هذا، وذلك حين خرج أبو بكر مع من خرج يريد الهجرة إلى الحبشة فلقيه (ابن الدغنة) فقال: مثلك لا يخرج يا أبا بكر، وأنا جار لك، ثم جاء ابن الدغنة إلى قريش في ناديها وأعلن جواره له، فلم تكذبه قريش لكن قالوا له: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل فيها، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا في ذلك ولا يستعين به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك لأبي بكر، فمكث فترة كذلك، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدًا بفناء داره، وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذف (يجتمع) عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه، وينظرون إليه- وكان أبو بكر رجلاً بكاءً لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة يشتكون أبا بكر إليه، ويقولون إنا خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهَهُ. إلخ القصة التي رواها البخاري في الصحيح (١).

إذا كان هذا أثر القرآن وهو غيض من فيض وقليل من كثير فالسؤال هنا الذي يجب أن نسأله أنفسنا: ما هو أثر القرآن علينا نحن المسلمين في هذه الأزمة؟


(١) الفتح ٦/ ٢٣٠، ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>