للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلب المؤمن، أمر العقيدة هو شغله الشاغل، وهو همه الأول، وشعور إبراهيم وإسماعيل بقيمة النعمة التي أسبغها الله عليهما- ألا وهي نعمة الإيمان تدفعها إلى الحرص عليها في عقبهما، وإلى دعاء الله ألا يحرم ذريتهما هذه الأنعام الذي لا يكافئه إنعام وهل أغلى وأعز ثمن من نعمة الإيمان والإسلام (١)؟

إنه الشعور الذي يحس به المسلمون عبر الأجيال والقرون، الدعاء بالهداية للأنفس والأقربين، وإذا كان إبراهيم الخليل إمام المتقين في هذا الدعاء، فدعاء المؤمنين بعده: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} (٢).

وهو دعاء مشعر بالإحساس بالمسؤولية من جانب، وفيه إدراك لقيمة الدعاء والتربية من جانب آخر .. فهل يحس المسلمون وهم يقرؤون هذه الآية: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} أو وهم يطوفون بالبيت بهذا الإحساس الذي أحس به الخليل وابنه عليهما السلام؟ تلك واحدة من فقه الحج ومنافعه والله تعالى يقول عن الحج: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} (٣).

ثم يسعى الحاج بين الصفا والمروة وهما من شعائر الله كما قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ .. } (٤).

والمعنى: أي مما شرع الله تعالى لإبراهيم الخليل في مناسك الحج، ومن المعلوم أن أصل ذلك مأخوذ من تطواف هاجر وتردادها بين الصفا والمروة في طلب الماء لولدها لما نفذ ماؤها وزادها، فلما خافت الضيعة قامت تطلب


(١) في ظلال القرآن ١/ ١١٥.
(٢) سورة الفر قان، الآية: ٧٤.
(٣) سورة الحج، الآية: ٢٨.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>