للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوة الإسلام، وكلما فقه الحاج مناسك الحج، وعلم مشاعره، وأخلص لله في عبادته، واتبع هدي المرسلين في قوله وفعله، كان ذلك أعظمَ لأجره، وأزكى لعبادته، وأرضى لنفسه، وأشرح لصدره، وعلى كل حال فبشرى الحاج الذي خرج ابتغاء وجه الله، ولم يشرك مع الله أحدًا في عبادته، بشرى هؤلاء عظيمة، والمولى جل جلاله يُغدق عليهم من رحماته الواسعة في عرفات، ويقول: انصرفوا مغفورًا لكم.

ويا لها من بشرى، والحاج يتصور قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفُث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» ويا لها من هدية تطرب لها النفوس، وتهون في سبيلها كل المصاعب والمتاعب، والهادي البشير، عليه الصلاة والسلام، يقول: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

أسال الله أن يجعل حجّنا والمسلمين حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا، وأن يجعل ذلك زادًا لنا يوم نلقى الله، وأن يرفع لنا به الدرجات، ويكفر به عنّا السيئات، كما نسأله تعالى أن يتغمد أموات المسلمين من حجاج بيت الله الحرام بواسع رحمته، وأن يكتب لهم أجرهم وأن يجزيهم على نيّاتهم، وإن لم يقدر لهم إكمال مناسكهم، وفضل الله واسع: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (١) كما نسأله أن يرزق أهليهم وذويهم الصبر والسلوان، وأن يجعل في أهليهم وذرياتهم خلَفًا صالحًا، إنه سميع الدعاء.

أقوله هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.


(١) سورة النساء، الآية: ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>