للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكتم النبي صلى الله عليه وسلم محبته إياه فأخبره بذلك وأوصاه «يا معاذ إني لأحبك في الله» قلت- والقائل معاذ بن جبل-: وأنا والله يا رسول الله أحبك في الله، قال: «أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة؟ رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» (١).

وعلى الرغم من صغر سن معاذ بن جبل رضي الله عنه فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا تحدَّثُوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبَةً له (٢).

وخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجالية فقال: (من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل)، وحَدَّث ابن مسعود رضي الله عنه فقال: (إن معاذ بن جبل كان أمةً قانتًا لله حنيفًا ولم يكن من المشركين) (٣).

ومع هذه الخلال كلها ومع هذه الرفعة والمنزلة في الدنيا، فله نصيب وافر من المنزلة في الأخرى، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن معاذًا يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء برتوه» (٤). فإذا كان هذا مقامه بين العلماء فلا تسأل عن مقامه من دونهم؟ ولهذا وصفه أبو نعيم فقال: معاذ بن جبل إمام الفقهاء وكنز العلماء (٥). قال أحد الرواة لابن مسعود: إن إبراهيم كان أمةً قانتًا لله حنيفًا ولم يكن من المشركين، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: (عن الأمة: معلم الخير، والقانت: المطيع، وإن معاذًا رضي الله عنه كان كذلك) (٦).


(١) أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم ووافقه الذهب، ١/ ٤٥٣.
(٢) السابق ١/ ٤٥٣.
(٣) صححه الحاكم ووافقه الذهبي وعلق بعضه البخاري ١/ ٤٥١.
(٤) الرَّتوة: هي رمية السهم، وقيل مَدُّ البصر.
(٥) الإصابة ٩/ ٢٢٠.
(٦) السير ١/ ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>