للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن الناس من يتخذ المال وسيلة للكبر والبطر، أو الشح والبخل، أو للغفلة عن ذكر الله والطغيان على العبودية لله رب العالمين، قال تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} (١).

{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} (٢).

ومن الناس من يسعده المال، ويسعد هو بالمال، فهو يعرف لله فيه حقًا، ينفق منه ذات اليمين، وذات الشمال، يأخذه من حله، ويصرفه في مصارفه الشرعية، لا يلهيه عن ذكر الله، ولا يطغيه أو يدعوه لازدراء خلق الله، أولئك في أموالهم حق للسائل والمحروم، وأولئك من أهل الإيمان والتقى كما قال تبارك وتعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (٣).

إخوة الإيمان، وليس يخفى أنَّ أودية الدنيا سحيقة، وشعابها كثيرة متفرقة، والخلاص من فتنتها والسمو عن زخرفها والنجاة من غرورها يحتاج إلى مجاهدة للنفس، واستعانة بالعلي الأعلى، فحب الدنيا مغروس في النفوس. {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} (٤). وكلما زاد المال أو تقدم بالإنسان السن زاد ولعه وتعلقه بالدنيا، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «يهرم ابن آدم ويشب منه اثنتان: الحرص على العمر، والحرص على المال» (٥).


(١) سورة العلق، الآيتان: ٦ - ٨.
(٢) سورة القصص، الآية: ٧٨.
(٣) سورة الذاريات، الآيات: ١٥ - ١٩.
(٤) سورة الفجر: الآية: ٢٠.
(٥) حديث صحيح رواه الترمذي وابن ماجه، صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>