للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هجرية) ما نصه: (فالله تعالى ينصر الإسلام نصرًا من عنده، فما نرى في ملوك الإسلام من له رغبة في الجهاد، ولا في نصرة الدين، بل كل منهم مقبل على لهوه ولعبه وظلم رعيته، وهذا أخوف عندي من العدو، قال تعالى: {واتقوا لمدة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة} (١).

وفي محاولة من المؤرخين لتلمس أسباب نهاية الدولة العباسية يقول ابن كثير: ولم تكن أيدي بني العباس حاكمة على جميع البلاد كما كانت بنو أمية إلى أن يقول: حتى لم يبق مع الخليفة العباسي إلا بغداد وبعض بلاد العراق، وذلك لضعف خلافتهم واشتغالهم بالشهوات وجمع الأموال في أكثر الأوقات (٢).

معاشر المسلمين لم تكن آثار هذا الضعف والهوان لتقف عند حدود بغداد أو حلب، بل قصد التتر دمشق بعد إسقاطهم عددًا من المدن قبلها وصاحب دمشق وحلب (الناصر) هو أكثر الأمراء الأيوبيين قوة واقتدارًا (٣)، ومع ذلك سقطت دمشق دون مقاومة تذكر للتتر، وفي ظل التحالف والتآلف بين التتر والنصارى فقد عاث النصارى فسادًا في بلاد المسلمين، وطافوا ومعهم صليب محمول على رؤوس الناس، وهم ينادون بشعارهم ويقولون: «ظهر الدين الصحيح دين المسيح» ويذمون الإسلام وأهله، بل وفوق ذلك وزيادة في النكاية بالمسلمين كانوا يحصلون أواني الخمر لا يمرون على باب مسجد إلا رشوا عنده خمرًا، ومعهم قماقم ملأى بالخمر يرشون منها على وجوه الناس وثيابهم، ويأمرون كل من يجتازون به في الأزقة والأسواق أن يقوم لصليبهم وغضبًا لدين الله وغيرةً


(١) الكامل ١٢/ ٣٦١، ٤٩٧.
(٢) البداية والنهاية ١٣/ ١٩٥.
(٣) الخالدي، العالم الإسلامي والغزو المغولي ص ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>