للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ .. } (١). والبلاغ يحتاج إلى الصدق والشجاعة وعدم الخشية من الناس حينما يأمرهم بما يستنكرون، أو ينهاهم عما يألفون- مما أمر الله به أو نهى عنه- قال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ} (٢).

الثاني من وظائف الرسل: الدعوة إلى الله، فلا تقف مهمة الرسل وأتباعهم عند بيان الحق وإبلاغه للناس، بل عليهم دعوة الناس إلى الأخذ بدعوتهم، وترغيبهم في الخير، وتحذيرهم من الشر، وتحقيق هذا الخير في أنفسهم قولاً وعملاً. وهذا لاشك يكلف الرسل وأتباعهم من الدعاة إلى الله والمصلحين ..

لكن من يتصدى لإصلاح الناس وتوجيه مسيرتهم وتعريفهم بربهم لابد له من الصبر والتحمل وأجره على الله، ألا ما أكرم المرسلين وأتباعهم من الدعاة والمصلحين وهم يجهدون أنفسهم في سبيل تقديم الخير للآخرين، وإليكم هذا المثل المعبر عن هذه الحقيقة، فقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلاً، فقال: اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارًا، ثم بنى فيها بيتًا، ثم جعل فيها مائدة، ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه، فالله هو الملك، والدار هو الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد رسول، من أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل ما فيها» (٣).


(١) سورة المائدة، الآية: ٦٧.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٣٩.
(٣) صحيح الجامع ٢/ ٣١٩، الرسل والرسالات/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>