للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرارة الدواء، ولولا الحاجة للصبر على الطاعات والصبر عن المحرمات لتساوى الناس في منازلهم.

قال المفسرون، وفائدة التمثل بأنواع الزينة في الحياة الدنيا أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره، وبالصبر عليها، وأن النار لا منجى منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «طريق الجنة حزن بربوة، وطريق النار سهل بسهوة». وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات». أي طريق الجنة صعبة المسالك فيه أعلى ما يكون من الروابي، وطريق النار سهل لا غلظ فيه ولا وعورة وهو معنى قوله سهل بسهوة (والحزن هو الغليظ الخشن) (١) أما قوله تعالى (الصادقين) فهي تعني صدقهم فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمون به من الأعمال الشاقة على كثير من النفوس، فليس إيمانهم بالتمني ولا بالتحلي، ولكن شيء وقر في النفوس فانبعثت له الجوارح مصدقة، و (القانتين) هم أهل الطاعة والخضوع، و (المنفقين) من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات، وصلة الأرحام والقربات، وسد الخلات، ومواساة ذوي الحاجات وآخر صفة لأصحاب النعيم الدائم: (المستغفرين بالأسحار).

وهذا كما قال أهل العلم دليل على فضيلة الاستغفار بشكل عام ووقت الأسحار بشكل خاص وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فاستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ » (٢) الحديث.


(١) تفسير القرطبي ٤/ ٢٨.
(٢) تفسير ابن كثير ٢/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>