للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو دواءٌ لمرضٍ لولا تدارك الحكيم إياه بالدواء لترامى المرضى إلى الهلاك، أو يكون سببًا لنعمةٍ لا تنال إلا بذلك المكروه، فالمكروه يرتفع ويتلاشى، وما يترتب عليه من النعمة دائم لا ينقطع، فإذا شهد العبد هذين المشهدين انفتح له باب الرضى عن ربه في كل ما يقضيه له ويقدره) (١).

٣ - وهذه وتلك تورث القلب شعورًا بالأنس والسعادة والطمأنينة والسكينة مهما اشتدت المصائب أو توالت المحن، وتلك وربي هي البلسم الشافي الذي افتقد في حياة كثير من المسلمين، وحل محلها القلق والاكتئاب، وساد عند البعض منهم شعور بالإحباط، وكادت الحياة تظلم بانتشار الهمِّ والغم والحزن وشتات القلب، وسوء الحال، وظن السوء بالله.

٤ - والنظرة الإيمانية الفاحصة في حجم المآسي والمصائب النازلة في ديار المسلمين تدعو أصحابها إلى محاسبة أنفسهم ومراجعة حساباتهم، وتفقد إيمانهم، والنظر في مصداقية علاقاتهم بخالقهم .. فما نزل بلاءٌ إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة- أو ليس قيل لخير القرون: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} (٢).

إن المصائب الواقعة في الأمة درسٌ ينبغي أن يعوه، وخللٌ واقعٌ في أنفسهم لابد أن يصلحوه، وثغرات مفتحة لابد أن يسدوها، هنا تتحول المصائب إلى دروسٍ معلمةٍ للأمة، ومدرسةٍ للإصلاح والاستصلاح يفيء المسلمون فيها إلى خالقهم متضرعين بين يديه، بعد أن مدوا أيديهم زمانًا إلى غيره، فلم يغنهم من جوع ولم يؤمنهم من خوف، ويعودون إلى شريعة السماء بعد أن أفلست تعاليم


(١) المدارج .. عن لا تحسبوه شرًا لكم ص ١٠٧، ١٠٨. عبد العزيز الجليل.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>