للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآفة الثالثة: الخوض في الباطل وهو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال النساء، ومجالس الخمر، ومقامات الفساق وتكبر الجبابرة ومراسمهم المذمومة. إلى غير ذلك من الخوض في الباطل، والخليق بالمسلم أن يرفع نفسه عن الدنايا، وما يكون سببًا لاقتراف المحرمات أما أهل النار فيعترفون أن خوضهم في الباطل من أسباب دخولهم النار {ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين} (١).

الآفة الرابعة: المراء والجدل، وهو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه، إما في اللفظ، وإما في المعنى، وإما في قصد المتكلم. وترك المراء بترك الإنكار والاعتراض، فكل كلام سمعته فإن كان حقًا فصدق به، وإن كلام باطلاً أو كذبًا ولم يكن متعلقًا بأمور الدين فاسكت عنه (٢).

فإياك أخي المسلم والمراء والجدل فهما مظنة للضغائن والأحقاد، وقساوة القلوب وتنافرها، وحضور الشياطين وانفلات زمام الألسن، وربما تكلم الإنسان في تلك الحال بكلام ندم عليه، لكنه كان يرغب الانتصار به على من يماري ليس إلا.

إخوة الإسلام ليس الإحجام عن المراء، أو الصمت حين تتطاول ألسنة الآخرين نوعًا من الضعف والهزيمة كلا .. وإن بدا ذلك لضعاف العقول. بل هو نوع من التعقل والحكمة وضبط للنفس حين تتأزم وقلة هم الرجال الذي يملكون أنفسهم عند الغضب، وليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب - كلما أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.


(١) سورة المدثر، الآيات: ٤٢ - ٤٥. (موعظة المؤمنين ٢/ ٢٠٨، ٢٠٩).
(٢) الإحياء ٩ - ١٢/ ١٥٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>