للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله يحب الصابرين، ويجزل المثوبة للشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أما بعد فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار.

أيها المسلمون، وإذا علمتم أقسام الناس في الصبر، وأعلى مقامات الصابرين، وتأملتم ما يضاد الصبر، فمن الأهمية بمكان أن تعلموا ما يعينكم على الصبر، فما هي يا ترى الأمور المعينة للمسلم على الصبر؟

١ - إن أول ما يعين على الصبر معرفة العبد بطبيعة هذه الحياة، بمفاجآتها ونكدها وأكدارها، فهي ليست بدار قرار، ومن ركن إليها وظن فيها السعادة والسلامة من الآفات فقد أخطأ الفهم، والمولى يقول: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (١) ويقول: {وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} (٢).

فسعادتك فيها، حينًا، طيفٌ عابر، ومصابك فيها حتم لازم، وهل سلم الصفوة من البلاء فتسلم أنت وأنا ونحن المساكين؟ ولكن عزاء المؤمنين (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) (٣).


(١) سورة البلد، الآية: ٤.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٨٥.
(٣) رواه الترمذي وحسنه. صحيح الجامع ٢/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>