للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه» (١). وهل هناك أقرب من الوالدين وأولى منهما بالصلة؟

بل يصل الأمر إلى أن يحفظ الله الأبناء، في أنفسهم وأموالهم، بصلاح الآباء: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ .... } (٢).

ومن آثار بر الوالدين أنه سبب لكشف الشدائد والكربات بإذن الله، وفي الحديث أن أحد الثلاثة الذين أخذهم المطر فآووا إلى غار في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم، ولم يستطيعوا الخروج منها حتى دعوا الله بصالح أعمالهم، أحد هؤلاء كان بارًا بوالديه ففرج الله عنهم (٣).

يا أخا الإيمان، وفوق ما يذكره الله لك من خيري الدنيا والآخرة بسبب البر، فيدعوك للبر كذلك معرفتك بسيرة البررة الأخيار من الأنبياء والصالحين: فيحيى، عليه السلام، يقول عنه مولاه: {وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} (٤)، وعن عيسى، عليه السلام، قال تعالى: {وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً} (٥).

وفرق بين البر والعصيان، وبين التجبر والإحسان! !

وتأمل يا من تتلو كتاب الله نموذجًا آخر للبر والإحسان، نالت عطف وإحسان موسى، عليه السلام، {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ


(١) رواه البخاري.
(٢) سورة الكهف، الآية: ٨٢.
(٣) متفق عليه، البخاري ١٠/ ٣٣٨ الأدب، وسلم ٢٧٤٣ في الذكر والدعاء.
(٤) سورة مريم، الآية: ١٤.
(٥) سورة مريم، الآية: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>