للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) حصائد الألسن (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ...

إخوة الإسلام لست بمستكثر إطالة الحديث عن حصائد الألسن، وذلك لكثرتها في واقع الناس من جانب، وغفلتهم عن آثارها من جانب آخر، ولأن اللسان- غالبًا- ترجمان للجوارح، فمن كان قلبه طاهرًا نقيًا لم يتفوه لسانه إلا بخير، ومن كان قلبه دون ذلك كشفه لسانه وفضحه على رؤوس الأشهاد، مثل فضيحة يوم المعاد، وهكذا الشأن في العينين والأذنين والىدين والرجلين، فهي جوارح متحركة، واللسان معبر عن حركاتها.

وحيث سبق الحديث عن أنواع من آفات وحصائد الألسن، فنستكمل اليوم آفات أخر .. ومنها:

كثرة المزاح والمداومة عليه، لأنه نوع من الغفلة عن الآخرة وتزجية للوقف بما لا ينفع، فضلاً عن كونه مفضيًا لكثرة الضحك، وكثرة الضحك تميت القلب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا» (٢).

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه (٣).


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٢٨/ ٥/ ١٤١٤ هـ.
(٢) متفق عليه
(٣) الإحياء ٩/ ١٥٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>