للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كنت أقل ممن استهزأت به أفلا يكفيك التأمل في عيوب نفسك وإصلاحها قبل انتقاد الآخرين والاستهزاء بهم، وإن كنت خيرًا فما ذاك صنيع الشاكرين، ولست بآمن أن يسلخك الله ما أعطاك، ويمنح غيرك ما كان بك من نعمة، فاشكر الله على النعماء وإياك إياك والسخرية والاستهزاء، وتفطن دائمًا وأبدًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم « ... المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» (١) قال الإمام النووي: ما أعظم نفع هذا الحديث وأكثر فوائده لمن تدبره (٢).

ولا يفوتك- أخي المسلم- أن الاستهزاء ربما كان بكلمة، أو نظرة، أو محاكاة أو إشارة أو إيماء، والأصل في ذلك كله ما يجول في القلب، فطهر قلبك من احتقار المسلمين والتقليل من شأنهم، وإياك والعجب بنفسك فإن العجب مهلكة، وجاهد نفسك على فعل الخير ودفع الشر ما أمكنك ذلك.

إخوة الإسلام ... ومن حصائد الألسن الوعد الكاذب، إذ اللسان سباق إلى الوعد والنفس ربما لا تسمح بالوفاء، فيصير الوعد خلفًا، وذلك من أمارات النفاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» (٣).

وما أكثر ما يتسامح بعض الناس بالوعود، ويخلفون الميعاد دون عذر شرعي يخولهم لذلك .. وتلك آفة .. بل مرض خليق بالمسلم أن يعالج نفسه عن الوقوع فيه، وهو مدعاة لضياع الحقوق أحيانًا، ولضياع الأوقات على الآخرين


(١) رواه مسلم.
(٢) الأذكار/ ٣٠١.
(٣) متفق عليه، انظر صحيح الجامع الصغير ٣/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>