للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمةَ الإسلام، لقد أخبر الصادقُ المصدوقُ عن فضلهم وحكم بعلو منزلتهم فقال: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». قال عمران بن حصين رضي الله عنه- الراوي- فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة- «ثم إن بعدَهم قومًا يشهدون ولا يُستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن» (١).

ونهى عليه الصلاة والسلام وكرر النهي عن سبهم حين قال: «لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثلَ أُحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه» (٢).

وأجمع أهل السنة والجماعة على عدالتهم، حتى قال الخطيب في الكفاية: «والأخبار في هذا المعنى تتسعُ، وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن، وجميعُ ذلك يقتضي طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج أحدٌ منهم مع تعديل الله تعالى لهم، المطلع على بواطنهم إلى تعديل أحدٍ من الخلقِ لهم، فهم على هذه الصفة إلى أن يثبتَ على أحدٍ ارتكاب ما لا يحتمل إلا قصدَ المعصية، والخروج من باب التأويل، فيُحكم بسقوط العدالة، وقد برأهم الله من ذلك، ورفع أقدارهم عنده- إلى أن قال الخطيب:

على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرنا لأوجبتِ الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد والمناصحةِ في الدين، وقوة الإيمانِ واليقين، القطعَ على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتِهم، وأنهم أفضلُ من المعُدِّلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبدُ الآبدين» (٣).


(١) رواه البخاري ومسلم وغيرهما (جامع الأصول ٨/ ٥٤٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٤٠) (جامع الأصول ٨/ ٥٥٣).
(٣) الكفاية في علم الرواية ص ٩٣ - ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>