للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزاد مسلم عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: «ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: يعي الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل زوجته، وحديث المرأة زوجها» (١).

قال الإمام النووي رحمه الله- فهذا الحديث صريح في إباحة بعض الكذب للمصلحة، وقد ضبط العلماء ما يباح منه، وأحسن ما رأيته في ضبطه ما ذكره الإمام الغزالي رحمه الله فقد قال: الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعًا فالكذب فيه حرام لعدم الحاجة إليه، وإن أمكن التوصيل إليه بالكذب ولم يمكن بالصدق فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا، وواجب إن كان المقصود واجبًا، فإذا اختفي مسلم من ظالم وسأل عنه وجب الكذب بإخفائه .. الخ كلامه وهو كلام نفيس» (٢).

أخي المسلم كما تحذر الكذب بنفسك فاحذر كذلك أن يروج عليك كذب الآخرين، وما أجمل ما قاله حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول قال رسوله الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بأسماعنا، فلما ركب الناس الصعبة والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف، وفي رواية: فأما إذ ركبتم كل صعبة وذلول فهيهات» (٣).

وأراد بالصعبة والذلول: شدائد الأمور وسهلها، والمراد: أنه ترك المبالاة بالأمور والاحتراز في القول والفعل.


(١) جامع الأصول ١٠/ ٦٠٤.
(٢) الأذكار للنووي/ ٣٢٥.
(٣) أخرجه مسلم في المقدمة ١/ ٣، جامع الأصول ١٠/ ٦١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>