للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن».

٢ - والنظرُ في الدنيا لمن هو دونك يزيد من قناعتك وشكرك. والنظر في أمور الدين لما هو فوقك يزيد في همتك، ويدعوك للمسارعة في الخيرات، يقول عليه الصلاة والسلام: «انظروا إلى من هو أسفلُ منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» (١).

٣ - ومما يعينك على الشكر أن يمتدَ بصَرك إلى نعيم الآخرة، وألاَّ تكون الدنيا محط رحالك ونهايةَ آمالك، وهناك في الجنان ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لمن آمن وعمل صالحًا، هذا الشعور يجعلك تقنعُ بأي نعيم في هذه الحياة الفانية، متطلعًا إلى النعيم الباقي، متأملًا قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} (٢).

٤ - وكيف لا تشكر يا ابن آدم وقد سخر لك من الدواب والأنعام ما تركب وتأكل، وهيأ لك من المسكن ما تكن إليه وتأوي وأفاء عليك من نعم الأموال والأولاد والأزواج ما تأنس به، وتتزين وإليه تسكن، وكم من نعمةٍ أنعم الله بها عليك وقد تعلم بها وقد لا تعلم، أفلا تستحق هذه وتلك منك الشكر للمنعم، ودونك تذكير القرآن بواحدة من هذه النعم {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} (٣).

٥ - والإكثارُ من تلاوة كتاب الله وتدبر آياته، يزيد في إيمانك وشكرك، وهو


(١) رواه أحمد ومسلم وابن ماجه: صحيح الجامع الصغير ٢/ ٣٢.
(٢) سورة القمر، الآيتان: ٥٤، ٥٥.
(٣) سورة يس، الآيات: ٧١ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>