للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظمأه، وفي التنزيل {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١).

واختر لنفسك ما تشاء من مراتب الإجابة، فكلُّ عبدٍ سئل عن حال فهو بين أن يشكر، أو يشكو، أو يسكت.

يا أخا الإيمان! لا يغب عن بالك أن الشيطان بوسوسته وإغوائه معوق عن الشكر، كيف لا وقد أخذ العهد على نفسه بذلك.

{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} (٢).

وهاك نموذجًا لإعاقة الشيطانِ للإنسان عن الشكر، قال بكرُ بن عبد الله المزني: «ينزل بالعبد الأمرُ فيدعو الله فيصرفُ عنه، فيأتيه الشيطان فيضعفُ شكره، يقول: إن الأمر كان أيسرَ مما أذهب إليه قال: أو لا يقول العبد كان الأمر أشدَّ مما أذهب إليه ولكن الله صرفه عني» (٣).

يا أخا الإيمان!

ومن المعوقات عن الشكر احتقارك نعمةً وهبها الله لك، فتظل تنظر إلى ما أوتيت على أنه شيء قليل، وتنسى أن المعافاة من البلايا نعمة، وأن السلامة من الأمراض نعمة، وهكذا مما صرف الله عنك، فكيف إذا أضيف إليها ما وهبك الله من نعم، ولا تنس أن النعمَ قد تكون مادية وقد تكون معنوية.

يُحكى أن بعض القراء اشتد به الفقرُ، حتى ضاق به ذرعًا، فرأى في المنام كأن قائلًا يقول له: أتودُ أنا أنسيناك من القرآن سورة الأنعام وأن لك ألفتَ


(١) سورة الحشر، آية: ٩.
(٢) سورة الأعراف، الآيتان: ١٦، ١٧
(٣) ابن القيم: عدة الصابرين ص ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>