للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسنتِه يتعَبد المسلمون الذين يرجون الله واليوم الآخر.

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (١).

وليس يخفى أن حياته صلى الله عليه وسلم كلَّها جهادٌ ونصيحة وصبرٌ ومصابرة حتى أظهر الله الدينَ ونصر المسلمين ولئن طارده قومُه في مكة وآذوه وأصحابه حتى فروا بدينهم مهاجرين إلى المدينة .. فلم تكن الحياةُ بالمدينة صفوًا من المكدرات، أو نوعًا من حياةِ الدعةِ والكسلِ والبعدِ عن المنغصات.

لقد ابتدأت بالمدينة مرحلةُ الجهادِ في سبيل الله إعلاءً لكلمةِ الله - وتكاثرت الخصومُ، بين يهودٍ حاسدين شامتين ومنافقين متربصين مرجفين، وفي أطراف المدينة أعرابٌ مشركون يتطلعون إلى ثمار المدينة وخيراتها بشراهة ومن وراء هؤلاء وأولئك الخصومُ الأولون كفارُ قريش يؤلبون ويُحرضون ويدعمون بأموالهم، ويدفعون بأبنائهم لخوضِ المعارك حتى لا تقومَ للدين قائمة ويأبى اللهُ إلا أن يتمَّ نورَه ولو كره الكافرون.

دعونا- معاشر المسلمين- نقف على خصمٍ من هذه الخصوم في المدينة .. كان له أثره في إنشاءِ ورعايةِ خصوم آخرين إنهم اليهود، ومن اليهود سأقصر الحديث على (يهود بني قينقاع) وفي أحداثهم ومواقفهم عبرةٌ لمن تأمل.

أيها المؤمنون وليس يخفى أن اليهود بشكل عامٍ كان لهم وجودٌ مؤثرٌ في المدينة، وإن لم يكونوا أكثريةً فيها، فبأيديهم المال، ولديهم قدرةٌ خبيثةٌ على إذكاء الحروب بين الأوس والخزرج، وهم أهلُ علمٍ وكتاب، ومن حولهم جهلةٌ لا يدرون ما الكتابُ ولا الإيمان.


(١) سورة الأحزاب، آية: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>