للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» (١).

ومن هنا يتبين لك حرمة الحديث في عرض أخيك المسلم بما يكره حتى ولو كان واقعًا ولمزيد من الإيضاح: قال العلماء: الغيبة ذكرك الإنسان بما فيه مما يكره، سواء كان في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خلقه، أو خلقه أو ماله، أو ولده، أو والده، أو زوجه، أو خادمه، أو مملوكه، أو نحو ذلك وسواء ذكرته بلفظك أو كتابك، أو رمزت، أو أشرت إليه بعينيك أو يدك أو رأسك، أو نحو ذلك (٢).

ألا ما أعظم هذا الدين وهو يحفظ الحرمات، ويستر العورات وما أجمل المؤمن وهو يتحلى بحلية الإيمان، ويتخلق بأخلاق الإسلام، وما أنظف المجتمع الذي يحافظ فيه كل فرد على حقوق الآخرين .. ويتداعى البنيان أو ينهار إذا تناوشته السهام من كل مكان، وما أحوجنا إلى البناء ورص الصفوف بعيدًا عن السخرية والاستهزاء، والغيبة والنميمة، تلك الجبهات الداخلية التي أشغلتنا عن الجبهات الخارجية فتسلل العدو إلى أرضنا.

أمة الإسلام .. وحتى نقلع عن هذه الظاهرة السيئة، لابد لنا من التعرف على الأسباب الداعية للغيبة، ومحاولة تجاوزها وسد أبوابها.

فمن أسباب الغيبة: شفاء الغيظ، فهو إذا هاج غضبه تشفى بذكر مساوئ من أغضبه، وربما تحول الغضب إلى حقد دفين، فصار الحقد والغضب من


(١) الحديث رواه مسلم، والترمذي وأبو داود والنسائي، الأذكار/ ٢٨٩.
(٢) الأذكار/ ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>