للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينادي منادٍ يوم القيامة: ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حَرَثة القرآن).

«فكونوا من حرثته وأتباعه، واستدلوه على ربكم واستنصحوه على أنفسكم، وأتهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم» (١).

عباد الله وفي هذا الزمان يكثر في المسلمين هجرةُ القرآن إما حسًا أو معنى .. أو كليهما .. إذ لا يقيمون وزنًا لتلاوته ولا يتدبرون آياته ..

ولا يعملون بتوجيهاته، ولا ينتهون عند حدوده ومحارمه .. حتى وإن قبلوه عند التلاوة .. أو رفعوه في أمكنة علية، أو ابتدأوا به في مناسباتهم العامة، أو قرؤوه على موتاهم!

ويوجد في المسلمين أيضًا من يحفظون كتاب الله، ويكثرون تلاوته .. ولكن يقل فيهم المتأدب بآدابه، والمستشعر لفضل الله ونعمته عليه به، ويقل فيهم العامل به، ويكاد يصدق في المسلمين اليوم مقولة ابن عمر رضي الله عنهما وهو يقارن بين السلف والخلف في العمل بالقرآن يقول: إذ كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به (٢).

أخوة الإسلام لقد استشعر السابقون من أهل الإيمان والتقى قدر القرآن، وعنهم قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: «إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويعتقدونها في النهار» (٣).


(١) أحكام القرآن، الكيل الهراسي ١/ ٦.
(٢) القرطبي. الجامع لأحكام القرآن ١/ ٤٠.
(٣) التبيان في آداب حملة القرآن، النووي ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>