للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأبصار, ولا يحس بالحواس ولا يشبه بالناس, ولا يخفى عليه عدد الأنفاس ولا تعلم ذاته بقياس.

ذلك الله الذى لا إله إلا هو, الواحد القهار العزيز الجبار, الذى خضعت لجبروته الجبابرة, وعنت لعظمته الملوك الأعزة, وذلت له الصعاب, وخنعت له الرقاب, وخشعت لعزتة السموات, ورجفت من خشيته الجبال الراسيات, الذى هو أعلم منا بأسرارنا وأحوط [فى كل] وأرفق بنا من أمهاتنا, وأحسن إلينا صنيعا من أنفسنا, لا يأتى بالخير إلاه ولا يصرف السوء سواه, ما بنا وما بالخلق من نعمة فمن عنده. سبحانه من مالك ما [أرحمه] ومن سيد ما أكرمه, ومن جليل ما أعظمه, يغيث المضطر ويكشف الضر [ويكفى من توكل عليه, ويمنع عمن لجأ إليه.

٢/و ... / الحمد لله الذى بعث محمدا على حين فترة من الرسل, وطموس من السبل, بالبرهان الساطع, والبيان اللامع, والحق الواضح, والصواب اللائح, والناس فى عمياء, قد استولت عليهم الأهواء المردية] وغلبتهم الآراء المضلة لا [ينعمون النظر فيظهر لهم] الصواب فيتبعوه, ولا يفكرون فينكشف لهم عن الخطأ فيجتنبوه, فصدع صلى الله عليه وسلم بالحق وجاء بالصدق وبلغ ما حمل وانتهى إلى ما أمر, وقمع سلطان الجهالة, وأطفأ نيران الضلالة, ودمغ الكفر وأزل الشرك وأظهر الدين, وأعلن اليقين, حتى أقر له - جل وعز - بالربوبية, واعترف له بالوحدانية. اللهم فجازه بأفضل ما جازيت به أولياءك, وأتيه بأعظم ما أثبت به أصفياءك, وأعل درجته عندك وارفع منزلته لديك, واجعله لنا عندك شافعا مشفعًا ودليلا إلى جنتك هاديًا, ووفقنا للسداد واهدنا إلى الرشاد, واعف عنا عفوًا لا سخط بعده, وارحمنا رحمة توجب لنا بها رضوانك وجنتك يا أرحم الراحمين.

قال أبو على:

ثم أما بعد حمد الله والثناء عليه, والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم, فإنى لم أزل بالعلم ضنينا وعلى إذاعته شحيحا, نفاسة به أن أبثه فى غير أهله, وصيانة له أن أودعه غير مستحقه مدة أيامى بالمشرق ومقامى بالعراق, إذ لم أر أحدًا من ولد العباس للعلم طالبا ولا فى الأدب راغبا, ولا لأهلها مشرفا ولا لحامله معظما, وإنما يرفع العاقل رفيع الجوهر فى أحرز الأماكن, ويودع البذر فى أخيل البقاع للنفع.

<<  <   >  >>