للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان حجه فى سنة إحدى وتسعين، فلما دخل المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه، وأخرج الناس منه، ولم يبق غير سعيد بن المسيب، فلم يجسر أحد من الحرس يخرجه، فقيل له: «لو قمت»، فقال: «لا أقوم حتى يأتى الوقت الذى كنت أقوم فيه»، فقيل: «لو سلّمت على أمير المؤمنين»، قال عمر بن عبد العزيز: «فجلست أعدل بالوليد فى ناحية المسجد لئلا يراه»، فالتفت الوليد إلى القبلة فقال: «من ذلك الشيخ، أهو سعيد؟ »، قال عمر: «نعم، ومن حاله كذا وكذا، ولو علم بمكانك لقام فسلم عليك، هو ضعيف البصر»، فقال الوليد: «قد علمت حاله، ونحن نأتيه، فدار فى المسجد ثم أتاه، فقال: «كيف أنت أيها الشيخ؟ »، فو الله ما تحرك سعيد بل قال: «بخير والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله؟ »، فانصرف الوليد وهو يقول لعمر: «هذا بقية الناس». وقسم الوليد بالمدينة أموالا كثيرة وصلّى بها الجمعة، فخطب الناس الخطبة الأولى جالسا، ثم قام فخطب الثانية قائما، فقال رجل لرجاء بن حيوة (١): «أهكذا يصنعون؟ »، قال: «نعم وهكذا صنع معاوية، وهلم جرّا»، فقيل له: «ألا تكلمه؟ »، فقال: «أخبرنى قبيصة بن ذؤيب (٢) أنه كلّم عبد الملك بن مروان فى القعود فلم يتركه وقال: هكذا خطب عثمان»، قال: فقلت: «والله ما خطب عثمان إلا قائما»، قال رجاء: «روى لهم شيء فأخذوا به».

* * *

سليمان بن عبد الله بن مروان (٣)

بويع بعد موت أخيه الوليد فى نصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وهو بالرملة، فأقام بالخلافة سنتين وثمانية أشهر وخمسة أيام.

وحج بالناس سنة سبع وتسعين، وكتب إلى خالد بن عبد الله القسرى (٤) ـ وهو على مكة ـ «أن أجر لى عينا يخرج من مائها العذب الزلال، حتى تخرج من بين زمزم والمقام، فعمل خالد بركة بأصل ثبير من حجارة، وأحكمها وأنبط ماءها وشق لها فلجا


(١) انظر: (تذكرة الحفاظ ١/ ١١١، تهذيب التهذيب ٣/ ٢٦٥، حلية الأولياء ٥/ ١٧٠، ابن خلدون ٣/ ٧١، ابن خلكان ١/ ١٨٧، الأعلام ٣/ ١٧).
(٢) انظر: (تهذيب الأسماء ٢/ ٥٦، الأعلام ٥/ ١٨٩).
(٣) انظر: (ابن الأثير ٥/ ١٤، الطبرى ٨/ ١٢٦، ابن شاكر ١/ ١٧٧، اليعقوبى ٣/ ٣٦، ابن خلدون ٣/ ٧٤، المسعودى ٢/ ١٢٧، تاريخ الخميس ٢/ ٣١٤، ٣١٥، الأعلام ٣/ ١٣٠).
(٤) انظر: (الأغانى ١٩/ ٥٣ ـ ٦٤، تهذيب ابن عساكر ٥/ ٦٧ ـ ٨٠، الوفيات ١/ ١٦٩، ابن خلدون ٣/ ١٠٥، ابن الأثير ٤/ ٢٠٥، ٥/ ١٠١، الأعلام ٢/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>