للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأسامة مناقب أخر معروفة، منها: تأمير النبى صلى الله عليه وسلم له على جيش إلى الشام، فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما، وعرض للنبى صلى الله عليه وسلم مرضه الذى مات فيه قبل أن يسير أسامة، فأوصى بتسيير جيشه، فتم ذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن الأثير: ذكر ابن مندة: أن النبى صلى الله عليه وسلم، أمر أسامة بن زيد رضى الله عنه على الجيش الذى سيره إلى موته فى علته التى توفى فيها. قال ابن الأثير: وهذا ليس بشئ؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم، استعمل على الجيش الذى صار إلى مؤتة، أباه زيد بن حارثة، ثم ذكر ما سبق من تأمير النبى صلى الله عليه وسلم لأسامة بالمعنى.

وروى عن ابن عبد البر بسنده إلى على بن خشرم، قال: قلت لو كيع بن سلّم: من سلم الفتنة؟ ، قال: أما المعروفون من أصحاب صلى الله عليه وسلم فأربعة: سعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، واختلط سائرهم. انتهى.

وقال ابن عبد البر أيضا: سكن بعد النبى صلى الله عليه وسلم وادى القرى، ثم رجع إلى المدينة. فمات بالجرف، وقيل فى موضع وفاته غير ذلك؛ لأن النووى قال: توفى أسامة رضى الله عنه بالمدينة، وقيل بوادى القرى، وحمل إلى المدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة تسع أو ثمان وخمسين، وقيل: سنة أربعين، بعد على رضى الله عنه بقليل.

قال ابن عبد البر وغيره: الصحيح سنة أربع وخمسين.

ونقل عن تاريخ دمشق لابن عساكر ما يشهد للقول بأنه توفى بوادى القرى. وجزم بذلك الذهبى فى التهذيب. وكان أسامة بن زيد أسود أفطس، على ما ذكر ابن سعد وغيره، وكان أسامة ـ حين مات النبى صلى الله عليه وسلم ـ ابن عشرين سنة، وقيل: إنه كان ابن تسع عشرة، وقيل ابن ثمانى عشرة. حكى هذه الأقوال النووى، وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر، ومقتضى هذه الأقوال أن يكون ولد بمكة، وأقام بها نحو عشر سنين؛ لأن أبويه كانا مع النبى صلى الله عليه وسلم يخدمانه، وأمه هى أم أيمن واسمها بركة، حاضنة النبى صلى الله عليه وسلم.

وذكر المزى فى التهذيب، الخلاف فى موضع وفاته، وأنها فى سنة أربع وخمسين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، قال: وقيل غير ذلك فى مبلغ سنة وتاريخ وفاته. انتهى.

وفى كون أسامة مات وهو ابن خمس وسبعين سنة، نظر قوى؛ لأن غاية ما عاش أسامة بعد النبى صلى الله عليه وسلم تسعا وأربعين سنة، على القول بأنه مات سنة تسع وخمسين. وهذا أقصى ما قيل فى حياته بعد النبى صلى الله عليه وسلم. وأقصى ما قيل فى حياته فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، عشرون سنة، فإذا ضم ذلك إلى حياته بعد النبى صلى الله عليه وسلم، صار مبلغ عمره تسعا وستين سنة، بتقديم التاء على السين.

<<  <  ج: ص:  >  >>