للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعشرين أو سنة ثلاثين، قال: وقال أبو عبيدة: وانتقضت أذربيجان (٣)، فغزاها سعيد بن العاص، فافتتحها، ثم عزله عثمان، وولّى الوليد بن عقبة، فمكث مدة، ثم شكاه أهل الكوفة، فعزل وردّ سعيدا، فرده أهل الكوفة، وكتبوا إلى عثمان: لا حاجة لنا فى سعيدك ولا فى وليدك. وكان فى سعيد تجبر وغلظة وشره وسلطان. وكان الوليد أسخى منه وأسن وألين جانبا، فلما عزل الوليد، وانصرف سعيد، قال بعض شعرائهم فى ذلك (٤) [من الرجز]:

يا ويلتا قد ذهب الوليد ... وجاءنا من بعده سعيد

ينقص فى الصاع ولا يزيد

وقالوا: إن أهل الكوفة إذ ردوا سعيد بن العاص، وذلك سنة أربع وثلاثين، كتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولى أبا موسى، فولاه، فكان عليها أبو موسى إلى قتل عثمان. ولما قتل عثمان، لزم سعيد بن العاص هذا بيته، واعتزل أيام الجمل وصفين، فلم يشهد شيئا من تلك الحروب، فلما اجتمع الناس على معاوية، واستوسق له الأمر، ولاه المدينة، ثم عزله، وولّاها مروان، فعاقب بينه وبين مروان بن الحكم في أعمال المدينة. انتهى.

ولسعيد بن العاص هذا أخبار حسنة فى الجود والفصاحة والشرف، ذكرها أهل المدينة، قال الزبير: وله يقول الفرزدق (٥) [من الوافر]:

ترى الغر الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر فى الحدثان غالا

قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا

قال: وحدثنى رجل عن عبد العزيز بن أبان، قال: حدثنى خالد بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرد، فقالت: إنى نويت أن أعطى هذا البرد أكرم العرب، فقال: «أعطه هذا الغلام» يعنى سعيد بن العاص، وهو واقف، فبذلك سميت الثياب السعيدية.


(٣) أذربيجان: بالفتح ثم السكون وفتح الراء وكسر الباء الموحدة وياء ساكنة وجيم هكذا جاء فى شعر الشماخ:
تذكرتها وهنا وقد حال دونها ... قرى أذربيجان المسالح وبحال

وقد فتح قوم الذال وسكنوا الراء، ومد آخرون الهمزة مع ذلك، وروى عن المهلب .. هذا آذربيجان بمد الهمزة وسكون الذال فيلتقى ساكنان وكسر الراء، ثم ياء ساكنة وباء موحدة مفتوحة وجيم وألف ونون. انظر: معجم البلدان (أذربيجان).
(٤) الأبيات فى: (الاستيعاب ترجمة ٩٩٢، ديوان الفرزدق ١٠٠).
(٥) البيتان فى: (الاستيعاب ترجمة ٩٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>