للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحرض الناس بمكة للخروج إليها؛ لأن أبا سفيان، لما استنفر قريشا لعيرها التى معه، تخوفا عليها من النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حين همّوا بها، قام سهيل بن عمرو فقال: يا أهل غالب، أتاركون أنتم محمدا والصّباة من أهل يثرب، يأخذون عيراتكم وأموالكم؟ من أراد مالا فهذا مال، ومن أراد قوة فهذه قوة، فقال فى ذلك أمية بن أبى الصلت (١) [من الكامل]:

أبا يزيد رأيت سيبك واسعا ... وسجال كفك تستهل وتمطر (٢)

بسطت يداك بفضل عرفك والذى ... يعطى يسارع فى العلاء ويظفر

فوصلت قومك واتخذت صنيعة ... فيهم تعدو وذو الصنيعة يشكر

ونمى ببيتك فى المكارم والعلا ... يابن الكرام فروع مجد يزخر

وجحاجح بيض الوجوه أعزة ... غر كأنهم نجوم تزهر

إن التكرم والندى من عامر ... أخواك ما سلكت لحج عزور

فأسر سهيل يوم بدر، أسره مالك بن الدّخشم. وقال فى ذلك مالك بن الدّخشم (٣) [من المتقارب]:

أسرت سهيلا فلن أبتغى ... أسيرا به من جميع الأمم

وخندف تعلم أن الفتى ... سهيلا فتاها إذا تصطلم

ضربت بذى الشفر حتى انثنى ... وأكرهت نفسى على ذى العلم

قال: فقدم مكرز بن حفص بن الأخيف العامرى، ثم المعيطىّ، فقاطعهم على فدائه، وقال لهم، اجعلوا رجلى فى القيد مكان رجليه، حتى يبعث إليكم بالفداء، ففعلوا ذلك به. وفى ذلك يقول مكرز:

فديت بأذواد كرام سبا فتى ... ينال الصميم غرمها لا المواليا

وقلت سهيل خيرنا فاذهبوا به ... لأبنائها حتى يديروا الأمانيا

وكان عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسهيل أسير: دعنى أنزع ثنيته حتى يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا. وكان سهيل، أعلم، مشقوق الشفة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعله يقوم مقاما تحمده». وكان الأمر على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتى بيانه.

وعلى يد سهيل بن عمرو، انبرم الصلح بين النبى صلى الله عليه وسلم، وبين قريش يوم الحديبية، وقال


(١) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة ١١١١.
(٢) فى الاستيعاب: «يستعمل ويمطر».
(٣) انظر الاستيعاب ترجمة ١١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>