للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتسعين وستمائة تقريبا، وحج وقد بلغ فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، ثم عاد إلى اليمن، ورجع منها إلى مكة، فى سنة ثمان عشرة وسبعمائة على ما ذكر، وسمع بها بقراءته غالبا على الشيخ رضى الدين الطبرى: الكتب الستة ـ خلا سنن ابن ماجة، ومسند الدارمى، ومسند الشافعى، وصحيح ابن حبان، والسيرة لابن إسحاق، والعوارف للسهروردى، وعلوم الحديث لابن الصلاح، وعدة أجزاء. وعلى القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة: مسند الشافعى، وفضائل القرآن لأبى عبيد، وتاريخ مكة للأزرقى، وغير ذلك، وبحث عليه الحاوى الصغير فى الفقه، والتنبيه، قال: وكان يقول فى حال قراءتى للحاوى: استفدت معك أكثر مما استفدت معى، قال: ويقول لى: قد أقرأت هذا الكتاب مرارا، ما فهمته مثل هذه المرة، ولما فرغت من قراءته، قال فى جماعة حاضرين: اشهدوا على أنه شيخى فيه. وجاءنى إلى مكانى فى ابتداء قراءتى عليه، لأقرأه عليه، كل ذلك من التواضع وحسن الاعتقاد والمحبة فى الله والوداد. انتهى.

وكان عارفا بالفقه والأصولين والعربية والفرائض والحساب، وغير ذلك من فنون العلم. وله نظم كثير، دون فيه ديوان فى نحو عشر كراريس كبار، وتواليف فى فنون العلم، منها: المرهم فى أصول الدين، وقصيدة نحو ثلاثة آلاف بيت فى العربية، وغيرها، وذكر أنها تشتمل على قريب عشرين علما، وبعض هذه العلوم متداخل، كالتصريف مع النحو، والقوافى مع العروض، ونحو ذلك: وكتاب فى التاريخ بدأ فيه من أول الهجرة، وكتاب فى أخبار الصالحين، يسمى روض الرياحين، وذيل عليه بذيل يحتوى على مائتى حكاية، وكتاب سماه الإرشاد والتطريز، والدرة المستحسنة فى تكرار العمرة فى السّنة، وغير ذلك.

وكان كثير العبادة والورع، وافر الصلاح والبركة والإيثار للفقراء، والانقباض عن أهل الدنيا مع إنكاره عليهم، ولذلك نالته ألسنتهم، ونسبوه إلى حب الظهور، وتطرقوا للكلام فيه بسبب مقالة قالها، وهى قوله من قصيدة [من الطويل]:

فيا ليلة فيها السعادة والمنى ... لقد صغرت فى جنبها ليلة القدر

حتى إن الضياء الحموى كفره بذلك، وأبى ذلك غير واحد غير واحد من علماء عصره، وذكروا لذلك مخرجا فى التأويل، لا يحضرنى الآن، وأخذ عليه فى كلمات وقعت منه، تقتضى تعظيمه لأمره، وسمعت والدى يقول: كنت أصحح فى «منهاج البيضاوى» على القاضى أبى الفضل، فسافر للمدينة النبوية، فأتيت إلى الشيخ عبد الله ابن أسعد اليافعى لأصحح عليه، وناولته الكتاب، ففتحه وقال: اقرأ: تقدس من تمجد بالعظمة والجلال، فقلت: إنما أقرأ من كتاب القياس، لأنى صححت من أوله إليه، على

<<  <  ج: ص:  >  >>