للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفى سنة ثلاث وسبعمائة: صحب العارف الكبير ياقوت، مولى الشيخ أبى العباس المرسى، وتلميذه مدة. فعادت بركته عليه، ثم تجرد، وساح بديار مصر مدة سنين، لا يعرف أين موضعه. ثم عاد إلى القاهرة وقد حصل على خير عظيم، وانقبض عن الناس كثيرا، ثم لوطف حتى أسمع كثيرا من مسموعاته. وجلس لذلك بأخرة يومين فى الجمعة، غالبا هما يوم الجمعة، ويوم الثلاثاء. وكانت تعتريه بحضرة الناس حالة ينال فيها كثيرا من شخص يقال له: إبراهيم الجعبرى، ومن أحمد بن إبراهيم الجعبرى، ويلعن إبراهيم ويديم لعنه، حتى ينقطع نفسه. وبلغنى أنه سئل عن ذلك، فقال: ما ترونه يدق فوق رأسى! .

وكان يلعن القطب الهرماس، إمام جامع الحاكم بالقاهرة، لكونه أدخل شيئا من طريق العامة فى دار بناها، ثم هدمت هذه الدار.

وبلغنى: أن الشيخ عبد الله المذكور، أخذ حصى وقرأ عليه، ورمى به إلى جهة دار الهرماس، فى اليوم الذى هدمت فيه قبل هدمها.

وكان يتقوت من معاليم ووظائف وليها، ومن الوظائف التى وليها مشيخة الخانقاة الكريمة بالقرافة، وإعادة تدريس درس القلعة، وإعادة درس الحديث بالمنصورية بالقاهرة.

وكان محدثا، وحافظا فقيها، حفظ المحرر للرافعى، مقرئا نحويا صالحا، كبير القدر، عجيبا فى الزهد والانقطاع عن الناس، وحب الخمول.

وقد أثنى عليه غير واحد من الحفاظ، منهم: الحافظ الذهبى، وكتب عنه، وذكره فى معجمه وقال: المقرئ المحدث، الإمام القدوة الربانى. قرأ بالروايات، وأتقن المذهب، وعنى بالحديث ورحل فيه، ثم قال: وكان حسن القراءة، جيد المعرفة، مليح المذاكرة، متين الديانة، ثخين الورع، يؤثر الانقطاع والخمول، كبير القدر، ثم قال: قرأ المنطق، وحصل جامكية، ودخل فى [ ...... ] (٤).

وذكره الشريف أبو المحاسن محمد بن على الحسينى فى ذيل طبقات الحفاظ للحافظ الذهبى، وترجمه: بالشيخ الإمام العالم الحافظ القدوة البارع الربانى. ثم قال: المقرئ الشافعى، ثم قال: قال الذهبى: كان حسن القراءة، جيد المعرفة، قوى المذاكرة فى الرجال، كثير العلم، متين الديانة ثخين الورع يؤثر الانقطاع والخمول، كبير القدر، انقطع بزاوية بظاهر الإسكندرية مرابطا. قلت: ثم استوطن القاهرة، وساءت أخلاقه، والله يغفر له. انتهى.


(٤) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>