للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسمعت شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة يقول: إن حسين بن علىّ بن ظهيرة، أخبره أنه دخل على الشيخ نجم الدين الأصفونى المذكور فى بيته يوم جمعة، وهو يخيط. وعنده أولاده وهم يأكلون محببة فى هيئة عفة، فقال حسين فى نفسه ما معناه: إن القطب يخيط وله أولاد يأكلون هكذا؟ فقال الشيخ نجم الدين: نعم. انتهى.

وأخبرنى شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى عن حسين بن ظهيرة بهذه الحكاية، إلا أنه لم يقل: إن الشيخ كان يخيط. وهذه منقبة للشيخ نجم الدين الأصفونى.

وقد أثنى عليه غير واحد، منهم: بدر الدين بن حبيب فى تاريخه؛ لأنه قال: عالم برع فى المذهب، وأطنب فى تحقيقه وأسهب، وميز فى معرفة فروعه، وجد فى جداد ثمر جذوعه، وكان وافر الديانة والخير، مأمون القائلة، ميمون الصبر، شاع فى البلاد أمره، واشتهر بالعلم ذكره. لخص «روضة» الشيخ محيى الدين النواوى، وظهر بما يأخذه المستفيد وينقله الراوى. جاور بمكة عدة سنين، وخص بمشاهدة البيت الرفيع، والمقام الأمين. انتهى.

توفى يوم الثلاثاء الثالث عشر من ذى الحجة سنة خمسين وسبعمائة بمنى، ونقل إلى المعلاة، ودفن بها.

وكان عزم على العود إلى الديار المصرية فى هذه السنة، واكترى. فاختار الله تعالى له أن تكون تربته بالمعلاة، وأن يحشر مع أهلها إلى الدار الآخرة.

ومن فتاويه الغريبة قوله: إن منى كغيرها فى جواز بيع دورها وإجارتها. انتهى وهذا غير سديد، نقلا ونظرا.

أما النقل، فلحديث عائشة رضى الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نبنى لك بيتا يظلك؟ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: «منى مناخ من سبق». أخرجه الترمذى (١) وحسنه، وأبو داود وسكت عليه (٢). فهو صالح للاحتجاج به، وجزم النووى فى «المنهاج» من زوائده، بأن منى ومزدلفة، لا يجوز إحياء مواتهما كعرفة، والله أعلم.


(١) فى سننه، كتاب الحج، حديث رقم (٨٠٧).
(٢) فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (١٧٢٦) من طريق: أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا إسرائيل عن إبراهيم ابن مهاجر عن يوسف بن ماهك عن أمه عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نبنى لك بمنى بيتا أو بناء يظلك من الشمس؟ فقال: لا، إنما هو مناخ من سبق إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>