للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحصن كل يوم بأربعين حجرا، وكان المجاهد ينتقل إلى عدة مواضع فى يومه وليلته، وكاد المجاهد يهلك بحجر المنجنيق فى بعض الأيام، لولا ما قيل من أن جنّيا خرج إليه من جدار فى الحصن، فنقل المجاهد من موضع جلوسه إلى موضع آخر، وبإثر نقله له، سقط الحجر فى الموضع الذى كان فيه المجاهد فأتلفه.

ويقال إن هذا الجنّىّ أخ للمجاهد من جارية كانت لأبيه، وأنه اختطف من بطن أمه، ووعده هذا الجنّىّ بالنصر فى يوم ذكره له. ولما كان ذلك اليوم، جمع المجاهد أصحابه وقاتلوا، فظهر أصحاب المجاهد على قلّتهم، وكثرة عدوّهم. فلما كانت ليلة العشرين من ذى الحجة سنة أربع وعشرين، ارتفع أصحاب الظاهر عن محاطّهم على حصن تعزّ، ومضى ابن الداوادار للحج، ومضى بعض المماليك الذين كانوا معه إلى صوب زبيد.

وسبب ذلك، أن طائفة من المماليك الذين كانوا محاصرين للمجاهد، انصرفوا قبل ذلك إلى صوب تهامة، نصرة لبعض الأشراف، ثم حصل حرب بين المماليك هؤلاء، وأشراف أتى بهم الزعيم، وكان من خواصّ المجاهد، لينصروه بمكان يقال له جاحف، استظهر فيه الأشراف على المماليك، ولمّا علم بذلك المماليك الذين كانوا مع ابن الدّوادار، لم يستقرّ لهم قرار، فرحلوا نحو أصحابهم.

وفى يوم الجمعة الرابع عشر من ربيع الأول سنة خمس وعشرين وسبعمائة، خطب بزبيد للمجاهد، بإشارة عوّارين زبيد، وتهدّد بعض شياطينهم الخطيب بالقتل إن لم يفعل، فلم يتخلف، ولم يخطب بعد ذلك للظاهر على منبر من منابر تهامة. وسبب ذلك، أن المماليك الذين انصرفوا من المحطة بتعز، فى ليلة العشرين من ذى الحجة من السنة الماضية، لما دخلوا زبيد، سألوا القصرىّ، وهو من كبار المماليك الذين بها، أن يخرج عنها، وأن يكون الأمر بها لناس من المماليك سمّوهم له، ونسبوا ذلك للظاهر، ورأى منهم ما رأى، فخادعهم وبذل للعوّارين أربعة آلاف دينار على نصرته، والقبض على من عانده، فقصدوا دور القائمين عليه ونهبوها، وأتوه يطلبون منه ما وعدهم به، فامتنع، فرموه بالحجارة، وتسوّروا عليه داره فهرب، وأخذوا من منزله مالا جزيلا، وأتوا إلى الخطيب، فأمروه بالخطبة للمجاهد، ففعل كما ذكرنا، وقصد المماليك بعد خروجهم من زبيد، الناصر محمد بن الأشرف بالسّلامة، وأطمعوه بالملك، فسار معهم إلى زبيد، فقاتلهم أهل زبيد ساعة من نهار، ثم انتقل الناصر إلى التريبة ثم إلى الكدراء، وأقام بها شهرا وجبى أموالها، ثم قصد زبيد، فلقيه بفشال، جماعة من أصحاب المجاهد، فقاتلوه فظهر عليهم الناصر، ثم أتى زبيد، فخرج إليه العوارين فقاتلوه، فقتل من

<<  <  ج: ص:  >  >>