للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بؤونة وأبيب ومسرى، والماء لا يجرى قليلا ولا كثيرا، فهمّ الناس بالجلاء، فلما رأى عمرو رضى الله عنه ذلك، كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب فى جوابه: أما بعد، فقد أصبت فى أن هذا فى الإسلام لا يكون، وقد بعثت إليك بطاقة، فألقها فى داخل النيل، وإذا فيها: من عبد الله أمير المؤمنين، إلى نيل مصر، أمّا بعد، فإن كنت تجرى من قبلك، فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار، هو الذى يجريك، فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك، فألقى عمرو بن العاص رضى الله عنه البطاقة فى النيل، قبل الصّليب بيوم، وقد تهيّأ أمر مصر للجلاء، فأصبحوا يوم الصليب، وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا فى ليلة واحدة. انتهى.

وتوقّف النيل بعد ذلك أيضا، فرميت فيه تمرات من نخل بالمدينة، يقال إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه زرعها، فجرى النيل بإثر ذلك جريانا عمّ البلاد، وهذا الخبر ذكره جدّى أبو عبد الله الفاسى فى تعاليقه، لأنه قال: سمعت الشيخ الصالح أبا على عمر بن عبد الرزاق الجزولىّ الفاسى صاحبنا يقول: سمعت الشيخ أبا الحسن على العينىّ، منسوب إلى رأس العين، يقول: قدم الشيخ الإمام أبو عبد الله القرطبى، وهو محمد بن عمر بن يوسف، من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصر فى بعض السنين، فاتفق أنه وافق أيام النيل، وقد أبطأ النيل، وقلق الناس لإبطائه، واتفق أن السلطان ركب البحر، لينظر الأحوال ـ وكان الملك الكامل ـ وقدم الشيخ أبو عبد الله القرطبى، وأخبر بأن السلطان ركب البحر وأخبر بالحال، فجاء الشيخ إلى ساحل البحر، فأخبر الملك الكامل بمكانه، فدخل الساحل، وسلّم على الشيخ أبى عبد الله، وحمله معه فى المركب الذى كان فيه، وشكا إليه ما الناس فيه من القلق، بسب إبطاء النيل، ففتح الشيخ جرابا كان معه فيه تمر، وقال: هذا تمر من نخل بالمدينة، يذكر أنه من نخل زرعه عمر بن الخطاب رضى الله عنه بيده، فأخذ السّلطان من ذلك التّمر حفنة، ثم قال: اللهم إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كتب إلى نيل مصر: تطلع، فطلع. اللهم إنّ هذا من آثار عمر رضى الله عنه، ورمى بتلك الحفنة فى البحر، قال: فما أصبحوا من الغد إلّا والنيل قد عمّ البلاد جميعها. وكان الشيخ أبو الحسن العينىّ من الصالحين المعروفين، رحمه الله. انتهى.

وكان عمر رضى الله عنه من أشراف قريش فى الجاهلية، قال الزبير: حدّثنى محمد ابن الحسن المخزومى، عن نصر بن مزاحم، عن معروف بن خرّبوذ، قال: من انتهى إليه الشّرف من قريش، فوصله الإسلام، عشرة نفر من عشرة بطون، من هاشم، وأميّة،

<<  <  ج: ص:  >  >>