للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأحسن له بعد عوده إليه، ثم أغرى به بعض بنى ثقبة، وأغراه ببعضهم، كما سبق مبينا فى ترجمة أحمد، ليشتغل عنان عن أحمد بمعاداة بنى ثقبة، ويشتغل بنو ثقبة عن أحمد، بمعاداة عنان، فما تم له قصد، وعرف ذلك عنان، وبنو ثقبة، ثم سافر عنان وحسن بن ثقبة إلى مصر، فبالغا فى شكوى أحمد، وسألا السلطان الملك الظاهر برقوق صاحب مصر، فى أن يرسم لهم عليه بأمور رغبا فيها، فأجاب سؤالهم، إلا أن عنانا رزق قبولا من السلطان، واتبعهم أحمد بن عجلان بهدية سنية للسلطان مع كبيش، ولما رأى كبيش حال عنان رائجا، أظهر للسلطان وللدولة، أن أحمد بن عجلان يوافق ما رسم لعنان وبنى ثقبة، لئلا يتم على أحمد بمصر سوء، وسالم المذكورين حتى وصل مكة، وعرف أحمد بالحال، وقال له: لا بد لك من الموافقة على ما رسم به لهما، أو الفتك بعنان، فمال إلى الثانى، وأضمر ذلك، واجتمع به عنان وحسن بن ثقبة، بعد التوثق منه، فما أجاب لمرادهما، ثم إن بعض المتكفلين لعنان، بأمان أحمد بن عجلان، عرّفه بقصد أحمد فيه، وكان ذلك بمنى، ففر إلى ينبع، وتلاه حسن بن ثقبة، ثم حسّن لهما أمير الحاج المصرى، أبو بكر بن سنقر الجمالى، أن يرجعا إلى مكة، وحسّن لمحمد ابن عجلان، أن يرجع معهما، وكان قد توجه من مكة مغاضبا لأخيه، وضمن لهم أن أحمد يقضى حوائجهم، إذا وصل إليه كتابه، فرجعوا إلى أحمد، فلما اجتمعوا به قبض عليهم، وضم إليهم أحمد ابن ثقبة، وابنه عليا، وقيد الخمسة وسجنهم بالعلقمية، من أول سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وإلى موسمها، ثم نقلهم إلى أجياد، فى موسم هذه السنة، ثم أعادهم بعد الموسم إلى العلقمية، وكادوا يفلتون منها بحيلة دبروها، وهى أنهم ربطوا سررا كانت عندهم بثياب معهم، وصعدوا فيها، غير محمد بن عجلان، حتى بلغوا طاقة تشرف على منزل ملاصق لسجنهم، فنزلوا منها إليه، فنذر بهم بعض الساكنين فيه، فصاح عليهم يظنهم لصوصا، فسمع الصياح، الموكّلون بهم من خارج السجن، فتيقّظوا، وعرف الأشراف بتيقظ الموكّلين بهم، فأحجموا عن الخروج إلا عنانا، فإنه أقدم، ولما بلغ الدار، وثب وثبة شديدة، فانفك القيد عن إحدى رجليه، وما شعر به أحد حين خرج، فسار إلى جهة سوق الليل، وما كان غير قليل، حتى رأى كبيش والعسكر يفتشون عليه بضوء معهم، فدنا إلى مزبلة بسوق الليل، وأظهر أنه يبول، وأخفاه الله عن أعينهم.

فلما رجعوا، سار إلى أن لقيه بعض معارفه، فعرفه خبره، وسأله فى تغييّبه، فغيبه فى بيت بشعب علىّ، فى صهريج فيه، ووضع على فمه حشيش ودابة، لئلا يظهر موضع الصهريج للناظر فى البيت، وفى الصباح أتى كبيش بعسكره إلى ذلك البيت، لأنه أنهى إليه أنه فيه، فما وجده فيه، فقيل له: إن فى البيت صهريجا، فأعرض عن ذلك، لما أراده

<<  <  ج: ص:  >  >>